الكيان الصهيوني وتصفير الجيوش- خطة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط.
المؤلف: أسامة يماني11.15.2025

تتطلع إسرائيل جاهدة إلى إضعاف وتقويض القوات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، مدعومة بقوة بما يعرف بقانون "التفوق العسكري النوعي"، وهو حجر الزاوية في السياسة الأمريكية لضمان احتفاظ إسرائيل بتفوق عسكري ساحق على جيرانها. تتجلى هذه المساعي في صور وأشكال متعددة، وتكشف الأحداث عن رغبة أكيدة في إضعاف الجيوش العربية وتقليل قدراتها الدفاعية بكل السبل المتاحة.
لقد كان موقف بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان المحتل، تاريخيًا مليئًا بالعداء تجاه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والجيش العراقي، حيث كان ينظر إلى العراق كتهديد وجودي لإسرائيل، خاصة في ظل ترسانة العراق من صواريخ باليستية وبرامج أسلحة الدمار الشامل. منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان نتنياهو سفيرًا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، دعا بكل قوة إلى تدمير العراق، على غرار العديد من القادة الإسرائيليين الآخرين، وانتقد بشدة سياسات صدام حسين التي وصفها بالعدوانية. لم تتوانَ إسرائيل عن دعم الجهود الدولية الرامية إلى إضعاف نظام صدام حسين، بما في ذلك التدخل العسكري الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.
تتبنى إسرائيل، بقيادة نتنياهو وغيره من القادة، استراتيجية واضحة مفادها أن أي نظام أو دولة قوية في المنطقة تمثل تهديدًا لأمنها واستقرارها يجب مواجهتها بحزم، سواء بشكل مباشر أو من خلال التحالفات الدولية، والعمل على إضعافها بشتى الطرق والوسائل، بما في ذلك الخنق الاقتصادي وفرض العقوبات.
إن خطة تصفير الجيوش وتدمير الدول، التي يسعى إليها الكيان الصهيوني وينفذها حلفاؤه في المنطقة، تتجسد في أمثلة مأساوية مثل تدمير الجيش العراقي وتفكيك الدولة الليبية، أو من خلال ما يسمى بـ "الربيع العربي" في اليمن، وتسليم أسلحة الدولة إلى الميليشيات، وفي سوريا من خلال دعم الطابور الخامس.
قد يعتقد بعض الكتّاب والساسة، المتأثرين بالرواية الغربية، أن هذه المشكلة قد تفاقمت في السنوات الأخيرة، لكن الحقيقة هي أن ما يقوم به الكيان الصهيوني من تدمير ممنهج كان مخططًا له بعناية منذ عقود. فالعمليات العسكرية لم تتوقف خلال العشرين سنة الماضية، بالإضافة إلى الحصار الخانق والقيود الاقتصادية وتقسيم الصف الفلسطيني، وجعل الحياة شبه مستحيلة في قطاع غزة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، بهدف تهجير الفلسطينيين والاستفادة من الباقين كعمالة رخيصة. هذه ليست سوى جزء من المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وتقويض أمنها. وما يروج له البعض من أن الاحتلال انتصر في الحرب على غزة هو محض خيال، حتى أن كتّابًا أمريكيين بارزين مثل توماس فريدمان يرون أنه لا يوجد منتصر في هذه الحرب التي فقدت معناها وهدفها.
المملكة العربية السعودية تلعب دورًا محوريًا في المنطقة، وتتميز سياستها الخارجية بتركيزها الشديد على تحقيق الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون الدولي، ومواجهة التهديدات الأمنية في منطقة الخليج. وهذا أمر بالغ الأهمية، غير أن بعض الإعلاميين بدلًا من تسليط الضوء على هذا الدور وأهميته، الذي لا يقل عن أي نوع من أنواع المقاومة، بل قد يكون أقوى وأكثر فعالية في كثير من الأحيان، يقللون من شأنه. يمكننا هنا استلهام فلسفة غاندي اللاعنفية، المعروفة بالساتياغراها، التي تعتمد على فكرة المقاومة السلمية. إن توحيد الهدف وتنوع الوسائل هو السبيل الأمثل لمواجهة خطط تصفير الجيوش ومنع المنطقة من الانزلاق إلى دوامة عدم الاستقرار، التي تتخذ أشكالًا متعددة ومختلفة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والعسكري.
وختامًا، فإن زعزعة الاستقرار في إيران أو في أي دولة أخرى في المنطقة يخدم مصالح إسرائيل والغرب الذي يتربص بالمنطقة وخيراتها ويسعى للسيطرة عليها.
